كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

- فقال أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم بوجوبها؛ لأمر الله سبحانه بها لهن هُنا، وفي سورة الأحزاب (¬1)، ولقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241]، فجعل ذلك ملكاً للمطلقات بلام التمليك، وسمَّاه حقاً، والحَقُّ الواجِبُ.
وبه قال الشافعيُّ وأبو حنيفةَ وغيرُهما (¬2).
- وقال قوم: إنها مستحبةٌ، وليستْ بواجبةٍ، وبه قال مالك وشُرَيْح القاضي (¬3)، قالوا: ولو كانت واجبةً، لم يخصَّ الله سبحانه المحسنين والمتقين دونَ غيرهم، ولكان يقول: حقاً عليكم، وكان شُرَيْحٌ يقول: مَتع إن كنت من المحسنين، ألا تحبُّ أن تكونَ من المتقين (¬4)؟
واستدلوا بأنها غير محدودةٍ ولا مقدرة في كتاب ولا سُنَّةٍ ولا إجماع، وليس لها في الفروض (¬5) نظيرٌ تُحْمَلَ عليه، فهيَ بالندبِ أولى منها بالفرض.
¬__________
(¬1) الآية (49) من سورة الأحزاب.
(¬2) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 280)، و"الحاوي" للماوردي (9/ 475)، و"مغني المحتاج " للشربيني (4/ 398)، و"الاختيار" للموصلي (2/ 137). وانظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 247)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 182).
(¬3) وبه قال الليث وابن أبي ليلى والحكم. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 281)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 448)، و"الحاوي" للماوردي (9/ 475)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 139)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 247)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 182).
(¬4) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 281).
(¬5) في "ب": "الفرض".

الصفحة 109