كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

واستدلُّوا بأن المطلقةَ قبلَ الدخول لا تَضْرِبُ (¬1) مع الغُرماء بالمُتْعَةِ، سواءٌ كان قد فُرضَ لها، أو لم يُفْرَضْ، وتَضْرِبُ بنصفِ ما فُرض لها.
وادَّعى بعضُ المالكية المتأخرين الإجماع على ذلك (¬2).
ولا حُجَّةَ فيما ذكروه، فقد ذكر اللهُ -سبحانه وتعالى- نظيرَ ذلك، ولم يقدرْه، ووَكَلَ تقديرَه إلى نبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإلى أولي الاستِنْباطِ من أهل العلم، فقال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، وقال سبحانه: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7]، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)} [النساء: 5].
والمتعةُ تقديرها إلى الحاكم عند التشاجُرِ والتنازع.
وأما المحسنون والمتقون، فأراد بهم المؤمنين المحسنين بالإيمان، المتقين للشّرك (¬3).
¬__________
(¬1) في "ب": "يضرب لها".
(¬2) يعني به: مكي بن أبي طالب، فمن قوله: "شرح" إلى قوله: "وتضرب معهم بنصف ما فرض لها" هو في "الإيضاح" لمكي (ص: 188). وهو الذي قال في الصفحة نفسها: وقد أجمعوا على أن المطلقة قبل الدخول لا تضرب مع الغرماء. وقال في كون المتعة للندب: وهو قول عامة الفقهاء والصحابة والتابعين إلا اليسير منهم.
وفي (ص: 385): وعليه كل الناس.
(¬3) انظر شيئًا من الاستدلال للفريقين في: "الاستذكار" لابن عبد البر (282/ 17)، و"المقدمات الممهدات" لابن رشد (1/ 549)، و "الذخيرة" للقرافي (448/ 4)، و "المغني" لابن قدامة (10/ 139). وانظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 291)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 137)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 620).

الصفحة 110