كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وروي (¬1) عن الحسنِ وطاوس (¬2)؛ لأن الذي بيده إمساكُ العقدة وحلُّها بالطلاق هو الزوجُ، ولأن الوليَّ لا يعفو عن أموالها، فكذلك صداقُها، ولأنَّ الولي لو أُبْرِئَ من صَداقها قبل الطلاقِ، لم يَجُزْ، فكذلك بعدَه، ولأن في الأولياء مَنْ لا يجوز عفوُه؛ كابن العمِّ.
* وعفوُ الزوجِ هو أن يعطيَها الصَّداقَ كاملاً من عَفْو المُساهلَة.
وقيل: الذي بيده عُقدةُ النكاح هو الوليُّ، وبه قال ابنُ عباسٍ، والزهريُّ، وطاوسٌ، والحسنُ، وعطاءٌ؛ وعلقمةُ، وإبراهيمُ، وربيعةُ، ومالكٌ، وأحمدُ، والشافعيُّ في القديم؛ لأن ذكر العفو وردَ بعدَ الطلاق، والذي بيده عقدةُ النكاحِ عليها حينئذٍ هو الوليُّ دونَ الزوج (¬3).
* واتفقوا -واللهُ أعلمُ- أن قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] خطابٌ للأزواج خاصَّةً (¬4).
¬__________
(¬1) في "ب": "ويروى".
(¬2) "وطاوس" ليس في "ب".
(¬3) انظر القولين في المصادر التالية: "الاستذكار" لابن عبد البر (16/ 118)، و "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (10/ 240)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 321)، و "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 293)، و"تفسير الرازي" (3/ 2/ 154)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 247)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 151)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 188/1)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 160).
(¬4) قلت: ليس في هذه المسألة اتفاق، بل في ذلك اختلاف؛ فهناك من قال: المراد بالخطاب: الزوجان جميعاً. قاله ابن عباس ومقاتل. وهناك من قال: الخطاب للزوج وحده، قاله الشعبي.
انظر: "تفسير الطبري" (2/ 551)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 322)، و"تفسير الرازي" (3/ 2/ 157)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 248)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 289). =

الصفحة 118