كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وقال عكرمة: فَيْئَةُ المعذور بالنِّية، وإليه ذهبَ أبو ثورٍ وأحمدُ (¬1).
والأولُ أولى؛ لأنه وإن كانت الفيئة توبة، والتوبةُ لا يُطْلَبُ فيها القَوْلُ، لكنَّها هنا تعلَّقَ بها حَقُّ الغيرِ، فاشْتُرِطَ بيانُ تركِ الظُّلْمِ والضّرر، ولا يحصل عِلْمُهُ إلا بالقول.
* والفيئة توجب الكفارةَ عند أكثر أهل العلم (¬2).
ويُروى عنِ ابنِ عباس وزيدِ بنِ ثابتٍ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم- (¬3)، وهو القولُ الجديدُ للشافعيِّ (¬4)، والغفرانُ يختصُّ بالذنب لا بالكفّارة؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ على يَمينٍ فَرأى غيرَها خيراً منها، فَلْيُكَفِّرْ عن يمينِهِ، ولْيَأتِ الذي هوَ خَيْرٌ" (¬5).
¬__________
= وانظر: "رد المحتار" لابن عابدين (5/ 59)، و"حاشية الدسوقي" (2/ 686)، و"مغني المحتاج" للشربيني (5/ 26)، و"المغني" لابن قدامة (11/ 42).
(¬1) وهو قول علقمة والنخعي والحسن وابن المسيب: انظر: "تفسير الطبري" (2/ 423)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 103)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 532).
قلت: والمنصوص عليه عند الحنابلة: أن الفيئة عند العذر لا تكون بالنية، بل بالقول على كل حال، ولم يذكروا فيها خلافا في المذهب. انظر: "الفروع" لابن مفلح (5/ 483)، و"الإنصاف" للمرداوي (9/ 186).
(¬2) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (1/ 298)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 103) و"المغني" لابن قدامة (11/ 38).
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" (2/ 426)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (112/ 11).
(¬4) وهذا هو المعتمد في المذهب. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (5/ 28).
(¬5) رواه مسلم (1650)، كتاب: الأيمان، باب: ندب من حلف يميناً، فرأى غيرها خيراً منها .. ، عن أبي هريرة.

الصفحة 15