كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فإن قيل: الحَدُّ مَبْناهُ على الدَّرْءِ والإسقاطِ، والعِدَّةُ مبناها على اللزوم والاحتياطِ، فلا يصلح الاعتبار.
قلت: لما شهد الشرع بالتفرقة بين الحرَّةِ والأمَةِ في براءة الرَّحِمِ؛ لنقصان الأمةِ وكمالِ الحُرَّةِ، فاكتفى في براءةِ رحمِ الأمة بحيضة في بعض الأحوال، ولم يكتف بذلك في الحرةِ أصلاً، صحَّ اعتبارُ النقصانِ بالنقصان، فالاعتبار في مقدار النقصان، لا في أصل النقصان.
* واتفق أهلُ اللسانِ كالأَصْمَعِيِّ وأبي عبيدة وغيرِهما على أن القَرْءَ يقع على الطُّهْرِ وعلى الحيض؛ لأنه اسم للوقت، فوقع على الطُّهْر والحيض، يقال: قَرَأَتِ المرأة: إذا دنا حَيْضُها، وقَرَأَتْ: إذا دنا طُهْرُها (¬1)، فقال الشاعر: [البحر المتقارب]
إذا ما الثُّريّا وقَدْ أَقْرَأَتْ ... أَحَسَّ السِّماكانِ منها أُفولا (¬2)
والوقتُ هنا علامة تَمُرُّ على المُطَلَّقة تُحْبَسُ فيها عن النكاح حتى تستكملها.
* واتفقوا على أنَّ المرادَ به أَحدُهُمَا، إما الطُّهر، وإما الحيضُ، واختلفوا في تعيينه:
- فقالت عائشةُ وزيدُ بنُ ثابتٍ وابنُ عُمَرَ: الأقْرَاءُ: الأطْهارُ (¬3). وبه قال
¬__________
= (18775)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 426).
(¬1) انظر في بيان معنى القرء: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3/ 264)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (4/ 32)، و"لسان العرب" لابن منظور (1/ 130 - 131)، و"تاج العروس" للزبيدي (1/ 366)، (مادة: قرأ).
(¬2) ذكره ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2/ 444) دون نسبة.
(¬3) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 656).

الصفحة 24