كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
* وقيل (¬1): كان في مبدأ صدر الإسلام للرجلِ أن يراجعَ امرأته في الحملِ، وإن طلقها ثلاثاً.
وقيل -والله أعلم-: إن قوله سبحانه {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228]، أي (¬2): في العِدَّةِ، وهي حامل، ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
وقال قوم (¬3): نسخها قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
فإن قيل: فمفهومُ قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228] يدلُّ على أن البُعولَةَ لا تستحقُّ الردَّ إذا لم يريدوا الإصلاح.
قلنا: هذا المفهوم يعارضه قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231]، وسيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالى- قريباً، فلا مفهوم لهذا الشرط، بل فيه إيماءٌ إلى أن المراجعة في هذا الحال أحسنُ وأولى؛ لما فيه من إصلاح حالهما، وإزالة الوحشة بينهما (¬4).
¬__________
(¬1) القائل هو ابن أبي أويس: انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 177).
(¬2) "أي" ليست في "ب".
(¬3) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 234)، وانظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 65)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 178)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (2/ 87).
(¬4) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 1/ 115): الرجل مندوب إلى المراجعة، ولكن إذا قصد الإصلاح بإصلاح حاله معها وإزالة الوحشة بينهما، فأما إذا قصد الإضرار وتطويل القطع، والقطع بها عن الخلاص من ربقة النكاح، فمحرم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}، ثم من فعل ذلك، =
الصفحة 29
505