كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
وعمدتُهم في ذلكَ ما رواه ابنُ طاوسٍ، عن أبيه: أن أبا الصَّهْباء قال لابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: إنما كانت الثلاثُ على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تُجْعَلُ واحدةً، وأبي بكر، وثلاثٍ من إمارة عمر، فقال ابن عباس: نعم (¬1).
واحتجوا أيضاً بما رواه عِكرمةُ، عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-، قال: طلق رُكانَةُ زوجته ثلاثاً في مجلسٍ واحد، فحزِن عليها حزناً شديداً، فسألهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيفَ طَلَّقْتَها؟ " قال: طلقتُها ثلاثًا في مجلس واحد، قال: "إنَّما تلكَ طلقةٌ واحدةٌ، فارْتَجِعْها" (¬2).
- وذهب جمهورُ فقهاءِ الأمصارِ إلى وقوعِ الثلاثِ (¬3).
واعتمدوا ما رواه أصحابُ ابنِ عباسٍ؛ كمجاهدٍ وسعيدِ بنِ جبيرٍ وعطاءٍ وعمرو بن دينارٍ ومالكِ بنِ الحُوَيْرِثِ (¬4) ومعاويةَ (¬5) بنِ أبي عياشٍ الأنصاري، وغيرِهم: أن ابنَ عباس -رضي الله تعالى عنهما- كان يفتي بوقوع الثلاث (¬6).
¬__________
= عبد البر (17/ 19، 21)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 334)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (2/ 87)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 120).
(¬1) رواه مسلم (1472)، كتاب: الطلاق، باب: طلاق الثلاث.
(¬2) رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/ 265)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (2500)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 239).
(¬3) وهو قول الأئمة الأربعة. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 18 - 19)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (2/ 89)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 334)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 120).
(¬4) في "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (11/ 38): "الحارث" بدل "الحويرث".
(¬5) في "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 15): "النعمان" بدل "معاوية".
(¬6) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 15)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي =
الصفحة 36
505