كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
فعن سعيدِ بن جُبيرة أنَّ رجلاً جاءَ إلى ابنِ عباسٍ، فقال: طلقتُ امرأتي ألفاً، فقال: تأخذُ ثلاثاً، ودعْ تسع مئة وسبعة وتسعين (¬1).
وعن مجاهد: قال رجلٌ لابنِ عباسٍ: طلقت امرأتي مئة، فقال: ثلاثاً، ودع سبعاً وتسعين (¬2).
وكلهم حكى أنه أجاز الثلاثَ، وأمضاهُنَّ.
فإن قلتم: فكيف جاز اعتمادُ قولِ ابنِ عباسٍ مع صِحَّةِ ما رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
قلنا: قال الشافعيُّ: يشبه -والله أعلم- أن يكونَ ابنُ عباس قد علم أن كان شيئاً فنسخ.
فإن قيل: فما دلَّ على ما وصفت؟
قلتُ: لا يشبه أن يكونَ يروي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيئا، ثم يخالفُه لشيء لم يعلمْهُ كانَ من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قيل: فلعل هذا شيءٌ روي عن عمر، فقال فيه ابنُ عباس بقولِ عمر.
قلنا: قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمرَ في نِكاح المُتْعَةِ وبيع الدينارِ
¬__________
= (11/ 38)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 120).
(¬1) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (11350)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (17804)، والدارقطني في "سننه" (4/ 13)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 337).
(¬2) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (2/ 550)، والإمام الشافعي في "المسند" (192)، وفي "الأم" (5/ 139)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (17803)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 337).
الصفحة 37
505