كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وأبو حنيفةَ (¬1) وأصحابهُ (¬2): لا تجبُ الكَفَّارةُ بِقَتْلٍ غير الخَطَأ، واختارهُ ابنُ المنذر (¬3).
وهذا على أصلِهم من منع القياسِ في الكفاراتِ (¬4)، وهو قول الباجِيِّ وابنِ القَصّار من المالكيَّة (¬5).
وظاهرُ الخطابِ أن وجوبَ الكَفَّارةِ والديةِ متعلِّقٌ بالقاتل، والمعنى: فعليه تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ، وديةٌ مسلَّمَةٌ إلى أهله.
ويحتمل أن يكونَ التقديرُ: فالواجبُ تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ، وديةٌ مسلمةٌ إلى أهله.
* وقد أجمع المسلمون على تَعَلُّقِ الكفارةِ بالقاتلِ وُجوباً وفِعلاً، وأما الدِّيَةُ، فقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بوجوبها على العاقِلَةِ (¬6) (¬7)، وكذا فعلَ عمرُ
¬__________
= (7/ 251)، و"العناية شرح البداية" للبابرتي (15/ 157).
(¬1) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (8/ 23).
(¬2) انظر: "المغني" لابن قدامة (8/ 402).
(¬3) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (8/ 23)، و"تفسير البغوي" (1/ 463)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 331).
(¬4) انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (3/ 218).
(¬5) حكى القرافي عكس هذا القول عن ابن القصار والباجي وأن مذهبهم كمذهب الشافعي في جواز القياس في الكفارات. انظر: "الذخيرة" للقرافي (1/ 133).
(¬6) لعله يقصد حديث أبي هريرة رضي الله عنه: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى أن دية المرأة على عاقلتها.
رواه البخاري (6512) كتاب: الديات، باب: جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد، ومسلم (1681) كتاب: القسامة، باب: دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني.
(¬7) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (3/ 194)، و"المحلى" لابن حزم =

الصفحة 445