كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فقال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].
ولكن الله سبحانه أطلقَ صفتَه، ولمْ يقيدْه بصفةِ الإيمان كما قيدَ غيرَه.
فأخذَ جمهورُ أهل العلمِ كابنِ عباسٍ، والشعبيَّ، والنَّخَعيِّ (¬1) بإطلاقه (¬2)، وبه قال الشافعيُّ (¬3).
فأوجبوا الكفارةَ في قتلِ الذَّمَّيِّ، والمعاهَد.
ومنهم من قَيَّدَه بصفةِ الإيمان، وأعاد الضميرَ على المؤمنِ، ولم يوجبِ الكفارةَ في قتله، ونُسب إلى أهل الحجاز (¬4).
* وبين الله سبحانه أن الكفارةَ تحريرُ رقبةٍ مؤمنةٍ، فمن لم يجدْ فصيامُ شَهْرين متتابعين، ولم يَذْكُرِ الإطعامَ في حَقَّ العاجِزِ، فدلَّ على أنه لا يجب (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (6/ 514)، و"تفسير الطبري" (5/ 208)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 165).
(¬2) وهو قول الحنفية والحنابلة. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (3/ 220)، و"المغني" لابن قدامة (8/ 217).
(¬3) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 603)، "الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 120).
(¬4) عن إبراهيم النخعي في المسألة روايتان. انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 165)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 325)، و"فتح الباري" لابن حجر (12/ 213).
(¬5) وهو مذهب الحنفية والمالكية وقول عند الشافعية والحنابلة، انظر: "المبسوط" للسرخسي (7/ 4)، و "تفسير البغوي" (1/ 463)، و"تفسير ابن كثير" (1/ 536)، و"البيان والتحصيل" لابن رشد (5/ 197).

الصفحة 451