كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

نزلت في مِقْيَسِ بنِ صبابةَ الكِنانيِّ، وقد كانَ أسلمَ هو وأخوه هشامٌ، فوجدَ أخاهُ قتيلاً في بني النجّار، فأرسلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) زهيرَ بنَ عياضٍ الفهريَّ - وكانَ من المُهاجرينَ منْ أهل بدر - مع مِقْيَسٍ إلى بني النجار: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم إن علمتُمْ قاتلَ هشامِ بنِ صبابَة أن تدفعوه إلى مقيسٍ، فيقتصَّ منه، وإن لم تعلموهُ أن تدفعوا إليه ديتَه، فقالوا: سَمْعاً وطاعةً للهِ ورسوِله، ما نعلمُ له قاتلاً، ولكنا نؤدي له ديتَه، فأعطَوْه مئة من الإبل، ثم انصرفا إلى المدينة راجعين، فتغفل مقيسٌ زهيراً، فرماه بصخرة، فشجَّه (¬2)، ثم ركبَ بعيراً، وساق بقيتَها إلى مكة مرتدًّا، وقال في ذلك أبياتاً منها: [البحر الطويل]
قتلتُ بهِ فهراً وحَمَّلْتَ عَقْلَهُ ... سَراةَ بني النَّجَّارِ أربابِ فارعِ
فأدركتُ ثأري واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً ... وكنتُ إلى الأوثانِ أولَ راجِعِ
فنزل فيه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا (93)} [النساء: 93]، وهو الذي استثناهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ فتحِ مكة عَمَّنْ أَمَّنَهُ، فقُتل وهو متعلقٌ بأستارِ الكعبة (¬3).
* وقد أجمعتِ الأمةُ على تعظيمِ شأنِ القتل؛ كما عظمه الله تعالى، ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - فهو أكبرُ الكبائرِ بعدَ الشركِ بالله تعالى.
* ثم اختلفوا في توبتِه وتخليدِه في النار -نعوذ بالله الكريم من ذلك-.
¬__________
(¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ليس في "أ".
(¬2) في "ب": "فشدخه".
(¬3) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5/ 217)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1037)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (296)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (29/ 29).

الصفحة 457