كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فالمشهور عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما - أنه: كان يقول: لا توبةَ له (¬1).
ويقول (¬2): إن آية الفرقان (¬3)، وهي (¬4) قولُه تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا} [الفرقان:70] إلى آخرها نزلتْ في ناس من أهل الشركِ، وآيةُ النساء (¬5) نزلتْ في الرجلِ إذا عرفَ الإسلامَ وشرائِعَهُ (¬6).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4486)، كتاب: التفسير، باب: قول تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}.
(¬2) في "أ": "ويقال".
(¬3) انظر: "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" (ص: 43)، و"قلائد المرجان" (ص: 137 - 138).
(¬4) في "أ": "وهو".
(¬5) وهي قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء: 93].
(¬6) روى البخاري عن ابن عباس (4488)، كتاب: التفسير، باب: قول تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ...}، ومسلم (3023)، كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}، وأبو داود (4273)، كتاب: الفتن والملاحم، باب: في تعظيم قتل المؤمن. ولفظ أبي داود: عن سَعِيدِ بن جُبَيْرِ قال: سَأَلْتُ ابن عَبَّاسٍ فقال: لمَا نَزَلَتْ التي في الْفُرْقَانِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، قال مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ قد قَتَلْنَا النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله، وَدَعَوْنَا مع الله إِلَهًا آخَرَ، وَأَتينَا الْفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ الله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} فَهَذهِ لأُولَئِكَ، قال: وَأَمَّا التي في النِّسَاءِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية، قال: الرَّجُلُ إذا عَرَفَ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمَّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ، لاَ تَوْبَةَ له، فَذَكَرْتُ هذا لِمُجَاهِدٍ، فقال: إلا من نَدِمَ.

الصفحة 458