كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وروى سعيد بنُ جبير عنه أنه قال في آية الفرقان: هذه آيةٌ مكيةٌ نسختها آيةٌ مدنيةٌ التي في "سورة النساء" (¬1).
وروي عن زيد بن ثابتٍ - رضي الله تعالى عنه -: أنه قال: لما نزلتْ التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا} عَجِبْنا من لينها، فلبثنا سبعةَ أشهرٍ، ثم نزلتِ الغَليظةُ بعد اللينة، وأراد بالغليظة هذه الآية (¬2).
وسأل رجلٌ ابنَ عمرَ -رضي الله تعالى عنهما،- فقال: إني قتلتُ نفساً، فهل لي من توبةٍ؟ فقال له ابنُ عمرَ: أَكْثِرْ مِنْ شربِ الماءِ الباردِ.
قال مالك: يريدُ أنه من أهلِ النار.
ورويَ أن رجلاً سأل أبا هريرة، وابنَ عمر، وابنَ عباس -رضي الله تعالى عنهم- عن رجل قتل مؤمناً متعمداً، هل له من توبة؟ فكلهم (¬3) يقول: هل تستطيع أن تحييه؟ هل تستطيع أن تبتغي نفقاً في الأرض (¬4) أو سلماً في السماء (¬5)؟
وبقول ابنِ عباس قالتِ المعتزلةُ (¬6).
وقال جمهورُ أهلِ العلمِ من الصحابةِ وغيرهم، وجميع أهل السنة: إن
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4484)، كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ...}، ومسلم (3023)، كتاب: التفسير، في أوله.
(¬2) رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص: 427)، وانظر: "تفسير البغوي" (1/ 465).
(¬3) في "ب": "وكلهم".
(¬4) "في الأرض": ليست في "أ".
(¬5) انظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (5/ 434)، و"شعب الإيمان" للبيهقي (6/ 206)، و"الدر المنثور" للسيوطي (2/ 632).
(¬6) انظر: "تفسير النيسابوري" (2/ 475)، و"عمدة القاري" للعيني (18/ 183).

الصفحة 459