كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

مستحلاً لدمِه كمِقْيَسِ بنِ صُبابة، فهو مخلَّدٌ في النارِ إذا ماتَ على كفره، وهذا قولٌ قويٌّ حسنٌ (¬1).
ومنهم من ذهبَ إلى التأويل، فحمل الخلودَ على طول المُقام؛ كقول الله تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)} [الهمزة: 3]، وكقولهم: فلانٌ خالدٌ في السجن: إذا طالَ مُقامُهُ فيه (¬2)، وهذا القولُ باطلٌ؛ لأنه يقتضي أنه لابدَّ من دخولهِ النار، ثم يطولُ مُقامهُ، ثم يخرجُ منها، وهذا لم يقلْ به أحدٌ من الفريقين.
وقال جمهورُهم: تأويلُه: فَجَزاؤه ذلكَ إنْ جازاه، رواه عاصمُ بنُ أبي النجودِ عن ابنِ جبيرٍ عن ابنِ عباس- رضي الله تعالى عنهما - (¬3): أنّه قال: هو جزاؤه إن جازاه (¬4).
وروي عن ابن سيرينَ عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الآية: "هو جزاؤه إن جازاه" (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 344)، و"تفسير الطبري" (5/ 217)، و"تفسير الثعلبي" (3/ 365)، و"كشف المشكل" لابن الجوزي (2/ 359).
(¬2) انظر: "شرح مسلم" للنووي (17/ 83)، و"تفسير الرازي" (10/ 110).
(¬3) في "ب" زيادة: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
(¬4) رواه ابن المنذر في "تفسيره" (2/ 627 - الدر المنثور) من طريق عاصم بن أبي النجود. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 1038) من طريق أبي روق.
(¬5) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (5819)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8606) وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/ 281)، والديلمي في "مسند الفردوس" (7213). وقال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 538). وقال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (4/ 186): رواه العلاء بن ميمون، عن حجاج الأسود، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً. قال العقيلي: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به.

الصفحة 461