كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وقال بهذا التأويل إبراهيم التيميُّ، وعَوْنُ بنُ عبدِ الله، وبَكْرُ بن عبد الله، وغيرُهم (¬1).
وقد قال من اعتقد هذا: إن الله إذا وعد بالحسنى، وعدَ ولم يخلف، وإذا وعدَ بالعذابِ، جازَ أن يعفوَ (¬2).
ويشهد لهذا (¬3) ما روى ثابتٌ البُنانيُّ، عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله تعالى عنه- أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وَعَدَهُ اللهُ على عملهِ ثواباً، فهو مُنْجِزُهُ له، ومن وَعَدَهُ على عَمَلِهِ عِقاباً، فَهُوَ فيهِ بالخِيارِ" (¬4).
وهذا هو الوجهُ المختارُ عندي في الجمعِ بين الآياتِ المتعارِضَةِ الواردِة في القتلِ، وبيانُ صفةِ الجَمْعِ أن نقول:
إن قوله تعالى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] مُطْلَقٌ في الأحوال.
وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60] مقيِّدٌ لآية
¬__________
(¬1) ومحمد بن سيرين وأبي مجلز وعمرو بن دينار. انظر: "تفسير الطبري" (5/ 217) و"تفسير ابن أبي حاتم" (3/ 1038)، و"اعتقاد أهل السنة" للالكائي (6/ 1056).
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" (5/ 217)، "تفسير البغوي" (1/ 465)، و"تفسير الثعلبي" (3/ 365)، و"تفسير القرطبي" (5/ 334).
(¬3) في "أ": "هذا".
(¬4) رواه البزار في "مسنده" (6882)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (3316)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8516)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/ 191). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 211): وفيه سهيل بن أبي حزم وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (12/ 566): قال البزار: سهيل لا يتابع على حديثه.

الصفحة 462