كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فقال: كان أهل العلم إذا سئلوا، قالوا: لا توبة له، وإذا ابتليَ الرجل، قالوا له: تُبْ (¬1).
وما روي عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما -: أن رجلاً سأله: ألقاتلِ المؤمنِ توبةٌ؟ فقال: لا، وسألهُ آخَرُ: ألقاتلِ المؤمن توبة؟ قال: نعم، فقيل له: قلت لذلك توبة، ولذلك لا توبةَ له، قال: جاءني ذلك، ولم يكنْ قتلَ، فقلت له: لا توبة لك؛ لكيلا يقتل، وجاءني هذا، وقد قَتلَ، فقلت له (¬2): لكَ توبةٌ؛ لكيلا يلقيَ بيدهِ إلى التهلكة (¬3).
وروي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما -: أنه قال: دعا اللهُ -جَلَّ ذكرُه- إلى المغفرةِ مَنْ زعَمَ أَنَّ عُزَيْراً ابنُ الله، ومن زعمَ أنَّ الله فقيرٌ، ومن زعم أن يدَ الله مغلولةٌ، ومن زعم أن اللهَ ثالثُ ثلاثة، يقول الله سبحانه لهؤلاء: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)} [المائدة: 74]؟ قال: وقد دعا إلى توبةِ مَنْ هو أعظمُ جُرْماً من هؤلاء، مَنْ قالَ: أنا رَبُّكُمُ الأَعْلى، ومَنْ قال: ما علمتُ لكمْ من إله غيري، قال: ومن أيَّسَ العِبادَ مِن التوبةِ، فقد جَحَدَ كِتابَ الله، ومن تابَ إلى الله، تابَ الله
¬__________
(¬1) في "أ": "قالوا: له توبة". والأثر رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 16).
(¬2) "له "ليس في "أ".
(¬3) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (1/ 343): رواه الواحدي في "تفسيره الوسيط" من طريق إسحاق بن راهويه، ثنا أبو داود الحفري، ثنا سفيان، عن أبي سعيد، عن عطاء، عن ابن عباس.
وروى نحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" (27753)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ " (ص: 137). قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (4/ 187): رواه ابن أبي شيبة ورجاله ثقات.

الصفحة 467