كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

من الحديثِ والقياس، وموضعُهُ كتبُ الفقه والخلاف.
* * *

92 - (34) قوله جَلَّ ثنَاؤه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)} [النساء: 94]
* أمرَ اللهُ سبحاَنُه الغُزاة في سبيلهِ أَنْ يَتبَيَّنوا، أي: يتأنَّوا، ويتعرَّفوا، قال الأعشى: [البحر المتقارب]
تَبَيَّنَ ثُمَّ لرْعَوَى أو قَدِمْ (¬1)
* وبين النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صفةَ التبيُّنِ بفِعْله وقولِه، فكان إذا غزا قوماً، فإنْ سمعَ أَذاناً، كَفَّ عنهم، وإن لم يسمعْ، أغارَ عليهم (¬2).
وروي أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا بعثَ سَرِيِّةً قال: "إذا رأيْتُمْ مَسجِداً، أو سمِعْتُمْ مُؤَذِّناً، فلا تَقْتُلوا أحداً" (¬3).
¬__________
(¬1) انظر "ديوانه": (ق 3/ 75)، ورواية البيت في الديوان:
كما رَاشداً تَجدن امرأً ... تبَيَّنَ ثم انتهى أو قَدِمْ
(¬2) رواه البخاري (585)، كتاب: الأذان، باب: ما يحقن بالأذان من الدماء، عن أنس بن مالك.
(¬3) رواه أبو داود (2635)، كتاب: الجهاد، باب: في دعاء المشركين، والترمذي (1549)، كتاب السير، باب: ما جاء في الدعوة قبل القتال وقال: غريب، والنسائي في "السنن الكبرى" (8831)، والإمام أحمد في "المسند" (3/ 448)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (33077)، وسعيد بن منصور في "سننه" (2385)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 108)، عن عصام المزني.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري " له (3/ 441): قال علي بن المديني:=

الصفحة 473