كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

أسامةَ بنِ زيدٍ، فقال: يا رسول الله! استغفر لي، فقال: "فكيفَ بلا إلهَ إلا اللهُ؟ "، فقالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ مراتٍ، فقال أسامةُ: فما زال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعيدُها حتى وَدِدْتُ أني (¬1) لمْ أكنْ أسلمتُ إلا يَوْمَئِذٍ، ثم إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - استغفرَ لي بعدُ ثلاثَ مراتٍ، وقالَ: "أَعْتِقْ رَقَتة" (¬2).
وروى أبو ظبيانَ عن أسامةَ قال: قلتُ: يا رسولَ الله! إنما قالها خوفاً منَ السلاح، قال: "أَفَلا شَقَقْتَ عن قلبِه حتى تعلَم أَقالها أم لا؟ " (¬3).
والسَّلاَمُ والسَّلَمُ بمعنى، وهو تحيةُ الإسلام.
فإن قيل: فما حكمُ القاتلِ اليومَ إذا فعلَ مثل هذا؟.
قلنا: يقتلُ قِصاصاً.
فإن قيل: فلمَ لمْ يقتلِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أسامةَ بنَ زيدٍ وغيرَهُ؟
قلنا: إنما قتلَهُ أسامةُ متأوِّلًا، فظنَّ أنهُ قالَها تَقيَّةً، وكانَ هذا التأويلُ منه في صَدْرِ الإسلامِ، قبل أن تَسْتَقِرَّ الشريعةُ وتنتشرَ (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) في "أ": "أن".
(¬2) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5/ 224)، عن السدي، بنقص يسير.
ورواه الثعلبي في "التفسير" (3/ 367) من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس بلفظ قريب. قال الحافظ ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" (1/ 237): رواه الكلبي عن أبي صالح، والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب.
(¬3) رواه مسلم (96)، كتاب: الإيمان، باب: تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله.
(¬4) انظر: "المحلى" لابن حزم (10/ 369)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 324)، و"أحكام القرآن" للجصاص (3/ 218).

الصفحة 477