كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (¬1) [البقرة: 230].
قالوا: ولأنه لو كان طلاقًا لكان بعد ذكر الطلقتين ثالثًا، وكان قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} بعد ذلك رابعًا دالًا على الطلاق الرابع، فيكون التحريمُ متعلقًا بأربع تطليقات.
واستدلوا بما رواه أبو داود والترمذي: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ امرأةَ ثابتِ بن قيسٍ حين اختلعتْ أن تعتدَّ بحيضة (¬2)، ولو كان طلاقًا لاعتدَّتْ بثلاثة أقراء.
وقال الترمذيُّ: وقد قالَ بعضُ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: عدةُ المُخْتلعةِ حيضةٌ (¬3)، ولو كانَ طلاقًا لما اكتفي فيه بحيضة كسائر المطلقات، وكأنهم شبهوه بالإقالة وفسخِ العقود.
وقال قوم: الخُلع طلاقٌ يُحْسَبُ من الثلاث، ولا يملك فيه الرجعة.
وبه قال أبو حنيفةَ ومالكٌ والشافعيُّ (¬4)، وأظنهُ الجديدَ من قوليه، ويروى عن عليٍّ وعثمانَ وابنِ مسعودِ -رضي الله تعالى عنهم- (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (23/ 372)، و"الاستذكار" له أيضًا (17/ 184).
(¬2) رواه الترمذي (1185)، كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في الخلع، وابن الجارود في "المنتقى" (763)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 450)، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء.
(¬3) انظر: "سنن الترمذي" (3/ 492) وكلامه -أي: الترمذي-: "قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: إن عدة المختلعة حيضة".
(¬4) قول الشافعي هذا هو الجديد. وهو المعتمد. انظر: "روضة الطالبين" للنووي (7/ 375)، و"مغني المحتاج" للشربيني (5/ 439).
(¬5) وهو قول جمهور العلماء، وبه قال عمر وابن المسيب والحسن وعطاء وشريح والشعبي والنخعي وابن جبير ومجاهد ومكحول والزهري، والثوري والبتِّي والأوزاعي وغيرهم. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (17/ 184)، و"معالم =
الصفحة 51
505