كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وبهذا قال أبو حنيفة ومالكٌ في أحد قوليه، فليس للطلاقِ عنده لفظٌ صريحٌ إلَّا لفظ واحدٌ، وهو الطلاق (¬1).
وبالأول قال الشافعيُّ في قوله المشهور عنه (¬2).
وسيأتي الكلام على الكِنَايَةِ عند الكلام على التحريم - إن شاء الله تعالى-.
* * *

38 - (38) قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230].
شرع الله - سبحانه - أن الرجل إذا طلَّق امرأتَه ثلاثًا، لا تحلُّ له حتَّى تنكحَ زوجًا غيره، وحيث أُطْلِقَ النكاُح في كتاب الله - سبحانه -، فالمرادُ به العَقْدُ، إلا في هذا المقام؛ فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بيَّن عن الله سبحانه أن المراد به (¬3) الوَطْء، لا العقد (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "التفريع" لابن الجلاب (2/ 74)، و"رد المحتار" لابن عابدين (4/ 338).
قلت: وقد اختلف قول الإمام مالك في التسريح، هل هو صريح أم كناية؟ والمذهب أنَّه من الكناية الظاهرة، وهي: ما كانت في العرف طلاق، كلفظ السراح والفراق. انظر: "التفريع" لابن الجلاب (2/ 74)، و"جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 296)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: 230).
(¬2) انظر: "الحاوي" للماوردي (10/ 150)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 457). وهو قول الحنابلة. انظر: "المغني" لابن قدامة (10/ 355).
(¬3) في "أ": "مراده".
(¬4) تقدم معنى هذا في مسألة المراد بالنكاح هل هو العقد أو الوطء.

الصفحة 55