كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
مع وجود الأقرب، كلُّ ذلك كان سبيلَهم في كلِّ (¬1) مقام عظيم؛ كوراثة الأموالِ وطلبِ الدماء، وقد أنكح خالدُ بنُ سعيدِ بنِ العاصِ بنِ أمية. أمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سفيانَ بنِ حَرْبِ بن أُمَيَّةَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
وكذلك رُويَ عن عُمَرَ بنِ أبي سلمةَ بنِ عبدِ الأسدِ بنِ هلالِ بنِ عبد اللهِ بنِ عمرَ بنِ مخزوم: أنَّه أنكح أُمَّهُ أُمَّ سلمةَ هِنْدًا بنتَ أبي أميةَ بنِ المغيرةِ بنِ عبدِ الله بنِ عُمر بنِ مخزومٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع صِغر سِنِّه؛ لكونهِ أقربَ الناسِ إليها (¬3).
فإن قلتم: فقد روى ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "الأَيِّمُ أحق بنفسها من وليِّها، والبِكْرُ تُسْتأذَنُ في نَفْسِها، وإذْنُها صُماتُها" (¬4)، ففرق بين الثيّب والبكر، مع وجوب استئذانهما في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، فدلَّ على أن الَّذي تميَّزَتْ به الثيِّبُ هو الاستقلال بنفسها.
قلت: قد أخذ بهذا الظاهرِ أهلُ الظاهر (¬5)، وهو قويٌّ، لكنه يعارضُه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّما امرأةٍ نكحتْ بغيرِ إذن وليِّها فنكاحُها باطل، فنكاحُها باطل،
¬__________
(¬1) "كل" ليست في "أ".
(¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 97)، والحاكم في "المستدرك" (6770)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (69/ 143)، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص.
(¬3) انظر: "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (2/ 266).
(¬4) رواه مسلم (1421)، كتاب: النكاح، باب: استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت.
(¬5) الَّذي في "المحلى" لابن حزم (9/ 451): لا يحل للمرأة نكاح، ثيبًا كانت أو بكرًا إلا بإذن وليها ... ، ومعنى ذلك أن يأذن لها في الزواج، فإن أبي أولياؤها من الإذن لها، زوَّجها السلطان.
الصفحة 69
505