كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

- ومنهم من حمل هذا الأمر على الاختيار، واستدلَّ عليه بآية الطلاق، وسوَّى بين المطلَّقة والمزوَّجة.
فإما أنَّه جعل آية الطلاق مبيِّنةً لآية البقرة، أو (¬1) أنَّه رأى سياق الآية لبيانِ مدَّةِ الرَّضاعِ، لا لبيانِ إيجابه، وهو مذهب الشافعي (¬2).
وله أن يقول: إنما ذكرتِ (¬3) النفقةُ والكسوةُ مَثَلًا وَتنبيهًا عَلى أن غالب كسب المرأة هو (¬4) منفعة بُضْعِها، وإذا اشتغلت برضاع ولدها وحضانته انقطعتْ عن (¬5) النكاحِ غالبًا، وفاتَ كَسْبُها؛ فضرب الله سبحانه هذا مثلًا يُحتذى به في تقدير الأجرة على ذوي اليَسار.
- ومشهور مذهب مالكٍ أنَّه يجب على الدَّنِيَّةِ إرضاعُ ولدِ زَوْجها، ولا يجبُ على الشريفة (¬6)؛ نظرًا إلى عادة الناس وعُرْفِهم، ولهذا وجه قويٌّ، وهو من المعاشرة والائتمار بالمعروف.
الجملة الثانية: قوله تعالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]
¬__________
(¬1) "ب": "و".
(¬2) وهو مذهب الحنابلة، وهو قول الثوري. انظر: "الحاوي" للماوردي (11/ 494)، و"روضة الطالبين" للنووي (9/ 88)، و"المغني" لابن قدامة (11/ 430).
(¬3) في "ب": "ذكر".
(¬4) في "ب": "وهو".
(¬5) في "ب": "من".
(¬6) وهذا هو المذهب. وهناك من قال منهم؛ كالقاضي عبد الوهاب: لا يلزمها، إلا أن لا يقبل غيرها. وقال ابن رشد: يستحب للأم أن ترضع ولدها.
انظر: "المدونة" (2/ 304)، و"المقدمات الممهدات" لابن رشد (1/ 496)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 278)، و"الذخيرة" للقرافي (4/ 270).

الصفحة 75