كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
* أوجب الله سبحانه فيها للمرضِع على والد الطفل رزقَ المرضعةِ وكسوتَها (¬1):
فيحتمل أن يكون ذلك لأجل الزوجية كما رآه (¬2) مالك (¬3).
ويحتمل أن يكون لأجل الرضاع - كما رآه الشافعي - فهو أجرة المرضعة (¬4).
ويترجَّح قول مالك؛ لأن الأجر لا يقدَّرُ بالنفقة والكسوة، وإنما يقدر بالنفقة والكسوة حقوقُ الزوجية.
ومثل هذا قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5].
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَهُنَّ عليكُم رزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمَعْروفِ" (¬5).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذي ما يَكْفيكِ ووَلَدَكِ بالمَعْروفِ" (¬6).
وللشافعي أن يقول: إنما ضربه الله مثلَا يهتدى به في تقدير الأجرة كما قَدَّمْتُه، وإنما ذكرَ اللهُ -سبحانَهُ - النفقةَ؛ لأنَّ المرضعةَ تتغذَّى بالنفقة، والمولودُ يتغذى بِلِبانِها، فبتمامِ بِنْيَتهِا تتمُّ بِنيةُ المولود، وبصلاحِ جسدهِا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الرازي" (3/ 2/ 129)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 105)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 150).
(¬2) في "ب": "رواه".
(¬3) وهو مقضى قوله المتقدم بوجوب الرضاع بشرطه.
(¬4) وهو مقتضى قول من يقول بأن الرضاع لا يجب على الأم، كما تقدم.
(¬5) رواه مسلم (1218)، كتاب: الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن جابر بن عبد الله في حديثه الطويل.
(¬6) تقدم تخريجه.
الصفحة 78
505