كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

ولكن الحنفية خَصُّوا الوجوبَ بكل ذي رَحِمٍ محرمٍ، وإن لم يرثْ (¬1)، ويلزمُ منه أنَّ من ليس له ذو رَحِمٍ محرمٍ يتركُه ضائعًا، وإن كان له عَصَبَة وَرَثةٌ، ولا يجب عليهم شيء، فهم لم يوافقوا ظاهر القرآن، ولا ما فعل عمرُ -رضي الله عنه (¬2).
وقال مالكٌ في روايةِ ابن القاسم: إنها منسوخة (¬3).
قال النحاس: والذي يشبه أن يكون الناسخُ لهذا عنده -والله أعلم- أنَّه لما أوجب الله تعالى للمتوفَّى عنها زوجُها من مال المتوفَّى نفقةَ حولٍ والسُّكنى، ثم نسخ ذلك، ورفعه، فنسخ ذلك أيضًا عن (¬4) الوارث (¬5).
¬__________
= عمر بن الخطاب حبس بني عم على منفوس كلالة بالنفقة عليه مثل العاقلة. وروى ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2/ 501)، عن الزهري: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أغرم ثلاثة كلهم يرث الصبي أجر رضاعه.
(¬1) حكاه الطبري في "تفسيره" (2/ 501) عن أبي حنيفة وصاحبيه أنهم قالوا: الوارث الَّذي يلزمه الإرضاع هو من كان ذا رحم محرم للمولود، فأما من كان ذا رحم منه وليس بمحرم، كابن العم والمولى ومن أشبههما، فليس من عفا الله بقوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}. وانظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (1/ 189)، و"معالم التنزيل" للبغوي (1/ 314)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 154).
(¬2) نقل القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 1/ 154) عن أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق قوله: قالوا قولًا ليس في كتاب الله، ولا نعلم أحدًا قاله. وانظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 69).
(¬3) ذكر ذلك عنه: ابن العربي في كتابيه: "أحكام القرآن" (1/ 276)، و"الناسخ والمنسوخ" (2/ 97)، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 1/ 155).
(¬4) في "ب": "على".
(¬5) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 68 - 69).
قال ابن العربي: وجهه: أن علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون =

الصفحة 81