كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

وهذا قولٌ باطل وتأويلٌ فاسد؛ فإن النسخَ لا يكونُ إلا بالتوقيف، ولا يجوز بالتأويل والقياس (¬1) على منسوخ آخر، وليته إذا (¬2) لم يعلم سكتَ عمَّا لم يعلمْ؛ إذ السكوتُ بمن لم يعلمْ أوجبُ وأسلمُ (¬3).
- وقال قوم: المعنيُّ بالإشارة تركُ المضارَّة.
قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}: [البقرة: 233] على الوارثِ ألا يضارَّ والدةً بولدها (¬4).
وبه قال الشافعي، وكذا مالكٌ في روايةِ ابنِ وَهْب وأَشْهَبَ عنه (¬5).
¬__________
= التخصيص نسخًا؛ لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم، وجرى ذلك في ألسنتهم حتَّى أشكل ذلك على من بعدهم. انظر: "أحكام القرآن" له (1/ 276).
وقال أيضًا: قول مالك إنه منسوخ هو تسامح في تسمية المخصوص منسوخًا؛ لأن التخصيص نسخ لغة، ولكنه ليس به عرفًا، فأجراه مالك على الأصل في الاقتضاء اللغوي. انظر: "الناسخ والمنسوخ" له (2/ 98).
(¬1) في "ب": "ولا القياس".
(¬2) في "ب": "إذ".
(¬3) قلت: قد ذكر ابن العربي معنى ما ذكره النحاس، ولم يشنع على ذلك، بل وجد له أصلَا فقال: فإذا ارتفع ذلك عن الأصل، فارتفاعه عن الوارث الَّذي هو فرعه أولى، وهذا أصل محقق في مسائل الأصول. انظر: "الناسخ والمنسوخ" له (2/ 98 - 99).
(¬4) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (19157)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 478).
(¬5) وهو قول الشعبي والزهري ومجاهد والضحاك وجماعة من العلماء. انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 108)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: 180)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: 68)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 276)، و"تفسير الرازي" (3/ 2/ 133)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 242)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (2/ 1/ 154).

الصفحة 82