كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
من بني عبد الدار - فقال: ما لي أراك متجمِّلَةً، لعلكِ تَرْجِينَ النكاحَ؟ واللهِ ما أنتِ بناكحٍ حتَّى يمرَّ عليكِ أربعةُ أشهر وعشر، قالت سبيعة: فلما قال (¬1) ذلك، جمعتُ عليَّ ثيابي حين أمسيتُ، فأتيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعت حَمْلي، وأمرني بالتزويج، إن بدا لي (¬2).
رَوينا في "صحيح البخاري" عن محمد بن سيرين قال: جلستُ إلى مجلسٍ فيه عُظْمٌ (¬3) من الأنصار، وفيهم عبدُ الرحمن بنُ أبي ليلى، فذكرتُ (¬4) حديثَ عبدِ الله بنِ عتبةَ في شأنِ سُبيعة بنتِ الحارث، فقال عبد الرحمن: ولكنَّ عَمَّهُ كان لا يقولُ ذلك، فقلتُ: إني لجريءٌ إن كذبت على رجل في جانب الكوفة، ورفع صوته، قال: ثم خرجتُ فلقيتُ مالكَ بنَ عامرٍ، ومالكَ بنَ عوفٍ، قلت: كيفَ كانَ قولُ ابن مسعود في المتوفَّى عنها زوجُها وهي حامل؟ فقالا: قال ابن مسعود أتجعلونَ عليها التغليظَ، ولا تجعلونَ لها الرخصةَ؟! أنزلتْ سورةُ النساء القُصْرى بعدَ الطُّولى (¬5).
¬__________
(¬1) في "ب" زيادة "لي".
(¬2) رواه البخاري (3770)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا، ومسلم (1484)، كتاب: الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وغيرها.
(¬3) عُظْم الشي: أكثُره ومعظمه. ومعنى (عظم من الأنصار) أي: جماعة كبيرة منهم. "القاموس" (ص: 1027). "اللسان" (12/ 410) (مادة: عظم).
(¬4) في "ب" زيادة "له".
(¬5) رواه البخاري (4258)، كتاب: التفسير، باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}.
قال القرطبي: قال علماؤنا: وظاهر كلامه أنها ناسخة لها. وليس ذلك مراده، والله أعلم، إنما يعني أنها مخصصة لها؛ فإنها أخرجت منها بعض متناولاتها. =
الصفحة 89
505