كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

الطلاق (¬1)، احتياطًا (¬2). ولعله استأنسَ بتعقيب ذكر الخِطْبة بعد ذكر عدتهنَّ.
قلت: دلَّني في المبتوتة ما رويناه في "الصحيحين": أن فاطمةَ بنتَ قيسٍ طلقها زوجُها عمرُ بنُ حفصٍ البْتَّةَ، وهو غائبٌ، فأرسلَ إليها وكيلُه بشعيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فقال: واللهِ مالكِ علينا من شيء، فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال: "ليسَ لكِ عليهِ نفقة"، فأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أم شريكٍ، ثم قال: "تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ، فإنه رجلٌ أعمى، تضعينَ ثيابَكِ عنده، فإذا حَلَلْتِ فآذِنيني"، قالت: فلما حللتُ، ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جَهْمٍ، خَطَباني، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جَهْمٍ، فلا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، وأما معاويةُ فصُعْلوكٌ لا مالَ لهُ، انكِحي أسامةَ بنَ زيدٍ"، فكرهته، ثم قال: "انْكِحي أُسامَةَ"، فنكحتُه، فجعل الله فيه خيرًا، فاغتبطتُ (¬3) (¬4).
* وأما البائنُ فالقياسُ على المَبْتوتَةِ (¬5)، لانقطاع عصمة النكاح منها.
وبهذا قال الشافعيُّ في أَصَحِّ قَوْلَيهِ (¬6).
¬__________
(¬1) أي: الَّذي لا يملك فيه الرجعة، كما في "الأم" (5/ 40).
(¬2) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 39 - 40).
(¬3) في "ب": "فاغتبطت به".
(¬4) رواه مسلم (1480)، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، عن فاطمة بنت قيس.
(¬5) البائن: من انتهت عدتها بطلقة أو طلقتين، أو المخالعة، ويحل للزوج نكاحها بعقد جديد.
أما المبتوتة: فهي من بتَّ الزوج - أي: قطع - نكاحها منه، وهي المطلقة ثلاثًا.
(¬6) وهذا هو المعتمد عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.
انظر: "الهداية" للمرغيناني (2/ 631)، و"التفريع" لابن الجلاب (2/ 59)، =

الصفحة 97