كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالَمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَمْرُ فَضِيلَةٍ لَا فَرِيضَةٍ.
٨٤٩ - أَخبَرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَتَاهُ الْقَوْمُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ الأُخْرَى ذَهَبُوا يَقُومُونَ فَقَالَ: "ائْتَمُّوا بِإِمَامِكُمْ، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا". [٢١١١]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ تَأْوِيلَ هَذَا الْمُتَأَوِّلِ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ.
٨٥٠ - أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ، فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ يُسَبِّحُ جَالِسًا فَقُمْنَا خَلْفَهُ فسكت عَنا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: "إِذَا صَلَّى الإِمَامُ جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي فِي خَبَرِ حُمَيْدٍ حَيْثُ صَلَّى صَلى الله عَلَيه وسَلم بِهِمْ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ، إِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ سُبْحَةً، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ الْفَرِيضَةُ، أَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا كَمَا صَلَّى هُوَ. فَفِي هَذَا أَوْكَدُ الأَشْيَاءِ أَنَّ الأَمْرَ مِنْهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم لِمَا وَصَفْنَا أَمْرُ فَرِيضَةٍ لَا فَضِيلَةٍ. [٢١١٢]

الصفحة 11