كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ" أَرَادَ بِهِ إِذَا قُدِّمَ ذَلِكَ إلى الْمَرْءِ.
٨٦٨ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَبَيَّنَ لَهُ اللَّيْلُ، فَكَانَ أَحْيَانًا يُقَدِّمُ عَشَاءَهُ وَهُوَ صَائِمٌ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يُقِيمُ وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يَتْرُكُ عَشَاءَهُ وَلَا يُعَجِّلُ حَتَّى يَقْضِيَ عَشَاءَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّيَ، وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ إِذَا قُدِّمَ إِلَيْكُمْ". [٢٠٦٧]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ إِتْيَانِ الْجَمَاعَاتِ عِنْدَ حُضُورِ الْعَشَاءِ إِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَرْءُ صَائِمًا، أَوْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الطَّعَامِ فَآذَتْهُ.
٨٦٩ - أَخبَرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدثنا الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَحَدُكُمْ صَائِمٌ، فَلْيَبْدَأْ بِالْعَشَاءِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ". [٢٠٦٨]
ذِكْرُ الْعُذْرِ الثَّالِثِ وَهُوَ النِّسْيَانُ الَّذِي يَعْرِضُ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ.
٨٧٠ - أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَا: حَدثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخبَرنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ سَارَ لَيْلَةً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْكَرَى عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ:" اكْلأْ لَنَا اللَّيْلَ" فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الصُّبْحُ اسْتَسْنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ يُوَاجِهُ الْفَجْرَ، فَغَلَبَتْ بِلَالاً عَيْنَاهُ، وَهُوَ مُسْتَسْنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَقَالَ: "أَيْ بِلَالُ"، فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "اقْتَادُوا رَوَاحِلَكُمْ"، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَأَمَرَ بِلَالاً فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: "مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ، أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] ".
وَقَالَ يُونُسُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا "لِذِّكْرَى".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخبَرنا ابْنُ قُتَيْبَةَ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَقَالَ فِيهِ "خَيْبَرُ"، وَأَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ يَشْهَدْ خَيْبَرَ إِنَّمَا أَسْلَمَ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم بِخَيْبَرَ وَعَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ، فَإِنْ صَحَّ ذِكْرُ خَيْبَرَ فِي الْخَبَرِ فَقَدْ سَمِعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ صَحَابِيٍّ غَيْرِهِ، فَأَرْسَلَهُ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حُنَيْنٌ لَا خَيْبَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ شَهِدَهَا وَشُهُودُهُ الْقِصَّةَ الَّتِي حَكَاهَا شُهُودٌ صَحِيحٌ، وَالنَّفْسُ إِلَى أَنَّهُ حُنَيْنٌ أَمْيَلُ. [٢٠٦٩]

الصفحة 25