كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 2)

النوع الثالث عشر
الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر. الأول منها فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات. والثاني فرض على المخاطبين في بعض الأحوال. والثالث فرض على بعض المخاطبين في بعض الأحوال. والرابع أمر تأديب وإرشاد أمر به المخاطب إلا عند وجود علة معلومة وخصال معدودة.
٩٠٥ - أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم قَالَ لأَصْحَابِهِ: "أَلَا تُبَايعُونِي؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَايَعْنَاكَ مَرَّةً، فَعَلَى مَاذَا نُبَايعُكَ؟ قَالَ: "تُبَايعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ كَلِمَةً خَفِيفَةً: "عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا"، أَرَادَ بِهِ الأَمْرَ بِتَرْكِ الشِّرْكِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا" أَرَادَ بِهِ الأَمْرَ بِتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ. [٣٣٨٥]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الأَمْرَ بِتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ لَا حَتْمٍ.
٩٠٦ - أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: حَدثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدثنا دَاوُدُ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي؟ فَقَالَ: قَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَاّ أَنْ يَسْأَلَ الرجل ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ يَنْزِلَ بِهِ أَمْرٌ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا". [٣٣٨٦]

الصفحة 47