كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 2)

النوع السابع عشر
الأمر بأشياء معلومة قد كرر بذكر الأمر بشيء من تلك الأشياء المأمور بها على سبيل التأكيد.
٩٢٠ - أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَأَسْلَمْتُ وَعَلَّمَنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي مَوَاقِيتِهَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ أَشْتَغِلُ فِيهَا، فَمُرْ لِي بِجَوَامِعَ، قَالَ: فَقَالَ: "إِنْ شُغِلْتَ، فَلَا تُشْغَلْ عَنِ الْعَصْرَيْنِ"، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟ قَالَ: "صَلَاةُ الْغَدَاةِ، وَصَلَاةُ الْعَصْرِ". [١٧٤١]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الأَمْرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَصْرَيْنِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ تَأْكِيدٍ عَلَيْهِمَا مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ لَا أَنَّهُمَا يُجْزِيَانِ عَنِ الْكُلِّ.
٩٢١ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، بِفَمِ الصِّلْحِ، قَالَ: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينٍ، قَالَ: حَدثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضَالَةَ الليثي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا قَالَ: "حافظوا على الصلوات، وَحَافِظُوا عَلَى الْعَصْرَيْنِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْعَصْرَانِ؟ قَالَ: "صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سَمِعَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ فَضَالَةَ، وَأَدَّى كُلَّ خَبَرٍ بِلَفْظِهِ، فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ.
وَالْعَرَبُ تَذْكُرُ فِي لُغَتِهَا أَشْيَاءَ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَتُطْلِقُ اسْمَ الْقَبْلِ عَلَى الشَّيْءِ الْيَسِيرِ، وَعَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَعَلَى الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ، كَقَوْلِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم فِي أَمَارَاتِ السَّاعَةِ: "يَكُونُ مِنَ الْفِتَنِ قَبْلَ السَّاعَةِ كَذَا"، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْقَبْلِ يَقَعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَا أَنَّ الْقَبْلَ فِي اللُّغَةِ يَكُونُ مَقْرُونًا بِالشَّيْءِ حَتَّى لَا يُصَلِّيَ الْغَدَاةَ إِلَاّ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا الْعَصْرَ إِلَاّ قَبْلَ غُرُوبِهَا إِرَادَةَ إِصَابَةِ الْقَبْلِ فِيهَا. [١٧٤٢]

الصفحة 59