كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم "عَرِّفْهَا سَنَةً" لَيْسَ بِحَدٍّ يُوجِبُ نِهَايَةَ الْقَصْدِ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدٌّ يُوجِبُ قَصْدَ الْغَايَةِ فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ.
٩٢٤ - أَخبَرنا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدثنا مُسَدَّدٌ، حَدثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَالْتَقَطْتُ سَوْطًا، فَقَالَا: دَعْهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَدَعُهُ تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، لأَسْتَمْتِعَنَّ بِهِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ إِنِّي أَصَبْتُ صُرَّةً فِيهَا دَنَانِيرُ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلاً"، فعرفتها حولا، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا، فَعَرَّفْتُهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا، وَوِكَاءَهَا، وَعَدَدَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ، فَادْفَعْهَا، وَإِلَاّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا". [٤٨٩١]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَعْرِيفَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الصُّرَّةَ الَّتِي الْتَقَطَهَا الأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
٩٢٥ - أَخبَرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، فَالْتَقَطْتُ سَوْطًا بِالْعُذَيْبِ، فَقَالَا: دَعْهُ، فَقُلْتُ: لَا، ما أَدَعُهُ تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، فَقَدِمْتُ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، أَحْسَنْتَ، الْتَقَطْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا"، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "اعْلَمْ عَدَدَهَا، وَوِعَاءَهَا، وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا، وَوِعَائِهَا، وَوِكَائِهَا، فَأَعْطِهِ إِيَّاهَا، وَإِلَاّ، فَاسْتَمْتِعْ بِهَا".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، وَ"شَأْنَكَ بِهَا"، أَضْمَرَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةَ رَدَّ اللُّقَطَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، إِذَا جَاءَ بَعْدَ الأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ. [٤٨٩٢]

الصفحة 62