كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

الإشارة على السواء، وإذن، فالضمير في هذه الآيات بمعنى اسم الإشارة. ونحن نعلم أن اسم الإشارة لا يلزم أن يرجع إلى مذكور يتقدمه لفظاً ورتبة، وإنما يجب أن يرجع إلى المشار إليه، وإن لم يطابقه عدداً وجنساً، سواء ذكر هذا المشار، أو لم يذكر".
وقال: "إنه يرى أن هذه القاعدة يجب أن تطبق على كل الضمائر التي لا مرجع لها، أو التي لا تطابق مرجعها؛ بحيث تؤخذ هذه الضمائر على أنها أسماء إشارات".
لا مشكلة فيطلب حلها؛ ذلك لأن الآيات التي أوردها المحاضر استوفت مراجعها، وتحققت فيها المطابقة على الوجه الكافي في نظر البلغاء، ودعوى أن الضمائر في هذه الآيات مستعملة بمعنى اسم الإشارة، من الخواطر التي لا داعي إليها، وإنما يحتاج إليها من يتوهم أن القاعدة النحوية توجب أن يكون مرجع الضمير مذكوراً يتقدم في اللفظ والرتبة، ويتوهم أن المطابقة بين ضمائر الجمع ومراجعها لا تتحقق إلا أن يكون المرجع من صيغ الجموع، وشيءٌ من هذا لم يلتزمه العرب، ولم يجعله واضعو اللغة حكماً مسمطاً.
يقول المحاضر: "ونحن نعلم أن اسم الإشارة لا يلزم أن يرجع إلى مذكور يتقدمه لفظاً ورتبة".
وهذا القول من نوع ما يُرمى به على غير روية، والحقيقة أن اسم الإشارة قد يشار به إلى محسوس حاضر، وهذا يستغني بالإشارة الحسية عن أن يتقدمه في الكلام ما يشار إليه، أما إذا أشير به إلى أمر معقول، أو شخص غائب عن حضرة الخطاب، فهذا حكمه حكم ضمير الغائب في احتياجه

الصفحة 106