كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

إلى مرجع يفسره.
قال الرضي في "شرح الكافية": واسم الإشارة لما كان موضوعاً، للمشار إليه إشارة حسية، فاستعماله فيما لا يدرك بالإشارة الحسية؛ كالشخص البعيد، والمعاني مجاز، وذلك يجعل الإشارة العقلية كالحسية، واسم الإشارة حينئذٍ يحتاج إلى مذكور قبله، فيكون كضمير راجع إلى متقدم. وقد نقل العلامة السيد كلام الرضي هذا في "حواشي الشرح المطول" حكماً مسلماً.
وهذا أمر معقول بالبداهة لو كان المحاضر ممن رزقوا التؤدة في البحث، فلو قال قائل: لقيت بالأمس ذلك، مشيراً إلى شخص غير حاضر، ولم يجر في الكلام ما يدل عليه، لما أتى بشيء من الفائدة، ولما عده السامعون إلا هاذياً.
وأكثر الآيات التي أوردها المحاضر إنما كُنِّي بضمائرها عن معان معقولة؛ كآية: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، أو أشخاص غائبين عن حضرة الخطاب؛ كآية: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27، 28]، فلا مفر للمحاضر إذاً من أن يبتغي لهذه الضمائر مشاراً إليه قد تقدم ذكره، إلا أن يدعي أن هذا النوع الجديد من أسماء الإشارة لا يدخل تحت سلطان قاعدة قديمة، وما هذا الادعاء من صاحب هذه المحاضرة ببعيد.
وإذا قال المحاضر: أكتفي في اسم الإشارة بما يدل على المشار إليه، ولو من غير صريح الكلام.
قلنا: قد اكتفى علماء العربية في مرجع الضمير بمثل هذه الدلالة، فيكون الخلاف بينك وبينهم في أنهم يسمون الواو في نحو قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [الأعراف: 187]: ضميراً، وأنت تسميه: اسم إشارة،

الصفحة 107