كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

والمجموع على ذلك الضرب من التأويل أكثر مما اشتهر به الضمير.
وكذلك يقول السعد التفتازاني: يكنّى باسم الإشارة الموضوع للواحد عن أشياء كثيرة باعتبار كونها في تأويل "ما ذكر"، و"ما تقدم". وقد يقع مثل هذا في الضمير، إلا أنه في اسم الإشارة أكثر وأشهر، ولهذا قال رؤبة: "أردت: كأَن ذاك" (¬1).
وإذا كان اسم الإشارة المفرد إنما يستعمل للمثنى، أو للمجموع على ضرب من التصرف، فلنذهب بالضمير المفرد إلى ذلك الضرب من التصرف من غير وساطة اسم الإشارة، فنقول: إن الضمير في قوله تعالى: "منه" عائد إلى الصدُقات باعتبار العنوان الذي أخذته من ذكرها في صدر الجملة، وهو "ما ذكر".
النوع التاسع:
قال المحاضر: "النوع التاسع من هذه الضمائر: ضمير الشأن؛ كقوله تعالى في سورة الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]، فالهاء في "أنه" لا ترجع إلى شيء، وهي لا تشير إلى شيء أيضاً".
ثم قال: "إن ضمير الشأن هذا قد فقد معناه، وأصبح أداة لفظية يراد بها تقوية الجملة في القصص، أو في الوعد والوعيد، لا أكثر ولا أقل، وهذا الضمير شائع على هذا النحو في قديم الأدب وحديثه، لا يدل إلا على تقوية الجمل، وصبغها بشيء من الجلال".
ألقى المحاضر في صدر محاضرته تلك القاعدة المصنوعة، وقال:
¬__________
(¬1) حاشية الشمني على المغني.

الصفحة 111