كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

القرآن لا يقول إلا حقا ً (¬1)
كنت سمعت من نفر غير مثقفين بعلوم الشريعة رأياً في القرآن يخرج به عن كونه تنزيلاً من حكيم حميد.
قال بعض هذا النفر: إن القرآن يأتي بالقصة لكونها جارية عند العرب، وهي غير مطابقة للواقع، إنما يريد بها الموعظة والاعتبار.
وكتب آخر قائلاً - زيادة على ما تقدم -: إنما يكسوها ثوب الفن القصصي.
وقال آخر منهم: إن القرآن يشتمل على قضايا مخالفة للعلم القطعي ...
ولم نسمع منهم شاهداً منطقياً، وإنما يذكرون قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59]، فيقولون: إن القرآن دلَّ على أن عيسى وجد من غير أب، والعلم يخالف ذلك، فيدل على أن الابن لا يوجد بغير أب.
ويذكرون قوله تعالى: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28]؛ حيث إن هارون أخو موسى، فكيف يكون أخاً لمريم أمِّ عيسى- عليه السلام - وبين الرسولين زمان بعيد؟.
¬__________
(¬1) مجلة "الهداية الإسلامية" - العددان الحادي عشر والثاني عشر من المجلد الثالث والعشرين، الصادران في ذي القعدة وذي الحجة 1373 هـ.

الصفحة 117