كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

ما دام المؤرخون لا يستطيعون أن يقيموا دليلاً مقبولاً على أنه لم يوجد في العصور الخالية شخص صدرت منه الأعمال التي نسبت في القصة إلى ذي القرنين، وإذا لم يذكر القرآن العصر الذي ظهر فيه ذو القرنين، ولا البلد الذي نشأ فيه، ولا الشعب الذي ينتسب إليه، كان من المتعذر على المؤرخ أن ينكر صدق قصته إنكاراً يقيم له العارفون بآداب البحث وزناً.
قال كاتب الرسالة: "عناصر القصة هي العناصر الفنية والأدبية التي اتخذ منها الفنَّان مادته التركيبية، والتي أعمل فيها خياله، وسلط عليها عقله، ونالها بالتغيير والتبديل، حتى أصبحت وكأنها مادة جديدة بما بث فيها من روحه، وكذلك القصص في القرآن، والبحث عن المصادر في القصص القرآني على هذا الأساس".
عرَّف الكاتب - قبل هذا - القصةَ بأنها: العمل الأدبي الذي يكون نتيجة تخيل القاص لحوادث وقعت من بطلٍ لا وجود له، أو بطل له وجود، ولكن الحوادث التي ألمت به لم تقع أصلاً ... إلخ ما نقلناه من كلامه - فيما سلف - وعرّف عناصر القصة هنا بأنها: العناصر الفنية والأدبية ... إلخ.
وما قاله الكاتب في تعريف القصة يصح أن يقال في قصة يؤلفها فنان يريد من تأليفها إظهار براعته البيانية، ولا يبالي في تخيله أن تكون الحوادث التي أَعملَ فيها خياله، وسلَّط عليها عقله، وقعت من بطل لا وجود له، أو من بطل له وجود، ولكن الحوادث التي ألمت به لم تقع أصلاً. ولا يليق بباحث مطمئن إلى أن القرآن وحي سماوي أن يقول بعد أن عرّف القصة وعناصرها بما عرفهما به: "وكذلك القصص في القرآن".
ويقول كاتب الرسالة: "والبحث عن المصادر في القصص القرآني على

الصفحة 131