كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

النظام والسنن في الكون؛ كما قال عند قوله تعالى: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 248]: "إشارة إلى أنه يأتيهم بسنن الله ونظامه؛ أي: بتغلبهم على العدو، وبقوة الحرب ونظامه، والملائكة كما قلنا في (ص 24) رسل النظام والسنن في الكون".
وقال عند قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34]: "الملائكة: رسل النظام وعالم السنن، وسجودُهم للإنسان معناه: أن الكون مسخر له".
ومرة يجعل الآية التي ذكر فيها الملائكة من قبيل التمثيل؛ كما قال في قوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]: "يمثل لك السرعة في إجراء سننه في الكون وتنفيذ أوامره في العالم".
وفسر جبريل وميكائيل في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] بأنهما قسمان من الملائكة، وقال: "الأول رسول الوحي والإلهام، والثاني رسول السنن والنظام".
وقال عِندَ تأويل الملائكة من قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 177]: "وهذا تابع للإيمان بالله، فمن يؤمنُ بالله يؤمنُ بخلقه ونظامه. والملائكة رسل هذا الخلق والنظام".
فتحريفه الآية بادعاء التمثيل مرة، وذكره لسنن الكون ونظمه مرة أخرى، وجعله جبريل وميكائيل قسمين من الملائكة، دون الاعتراف بأنهما فردان منهم، يدل على أنه يريد من الملائكة معنى غيرَ المعنى المعروف في صريح الكتاب والسنَّة، ونصوص الشريعة في دلالتها على وجود الجن والملائكة

الصفحة 160