كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

به، وهو قوتها فيه، أو كثرةُ صدورها منه.
والكوفيون يمنعون عمل صيغ المبالغة في نحو المفعول، ويعللون هذا المنع بعدم مجاراتها للفعل المضارع في وزنه، وبمخالفتها له في معناه؛ لأنها تزيد عليه بالمبالغة، ومقتضى هذا: أن اسم الفاعل عمل في نحو المفعول؛ لأنه لا يخالف المضارع في معناه، فعلماء العربية من كوفيين وبصريين مجمِعون على أن اسم الفاعل لا يدل على أكثر مما يدل عليه الفعل، وإذا كان علماء العربية الذين قضوا أعمارهم الطويلة في تقصِّي اللغة، والتفقه في كلام العرب قد تظاهروا على أن اسم الفاعل لا يدل على مقدار من الوصف أكثرَ مما يدل عليه أصل المضارع والماضي، أفيستطيع المؤول أن ينقض بناءهم بكلمة لا تمتُّ إلى البحث بسبب، وإنما هي وليدة الهوى، والانهماك في مخالفة أهل العلم؟!.
وعمد إلى الآيات الصريحة في ملك اليمين، وحَرَّفها بالتأويل تحريفاً لا يختلف عن صريح الإنكار، إلا أن عليه مسحةً من النفاق، فانظر كيف حرَّف قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، وحمل الفتيات على: الخادمات، فقال: "فيه عناية بالخادمات، وتسهيلٌ لمن يريدون الزواج ولا يستطيعون النفقات على ذوات البيوتات". وقال عند قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]: "خادميكم، وخادماتكم".
وقد ارتكب في الآيات الواردة في هذا الشأن من التأويل ما لا يخطر على بالِ أصلبِ الباطنية جبهةٌ، فانظر إليه ماذا يقول في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ

الصفحة 162