كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

التامة، وروح الحق الأعلى".
الإسلام يرمي إلى العدالة التامة، وقد قرر أصلاً هو أن تكون المرأة في عفاف، فمن العدالة التامة أن ينهى عن اختلاطها بالرجل إلا أن يكون محرماً، وقرر على الرجل القيام بحاجاتها وحاجات ما يرزقان من ولد، فمن العدالة التامة أن يكون حظ الرجل من الميراث أكثر من حظها، وهل في الأزمنة طور يقتضي بطبيعته سقوطَ العفاف من حساب الفضيلة؟ وهل في الأزمنة طور يقتضي بطبيعته وضعَ نفقة الرجل وولده على عاتق المرأة؟ يكون هذا الطور عندما يخلق الرجل والمرأة خلقاً آخر. وذلك ما لا يقصد الكاتب الحديث عنه.
ومن جرأة الكاتب قوله: "ليس لي أن أقول: تعدد الزوجات في الإسلام؛ لأني لم أر للإسلام أثراً فيه، وإنما هي سيئة من سيئات الجاهلية الأولى".
يقول الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، ويجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النكاح بين اثنين أو ثلاث أو أربع، والرسول - عليه الصلاة والسلام - يشهد ذاك، ويقرهم عليه، واستمر العمل على تعدد الزوجات جارياً في الأمة جيلا بعد جيل، حتى أتى هذا الكاتب، فرأى أن ينفيه من الإسلام، على الرغم من أنه منصوص في كتاب الله، والعمل به جارٍ منذ عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولا يظن بمسلم الجهل بأن تعدد الزوجات مما أباحه الإسلام، ولكن الكاتب أراد تقبيحه، وهو ممن يزعم أنه يتكلم بلسان الشريعة، فقدم جحوده لأن يكون من الإسلام؛ حتى يتيسر له أن يصفه بأنه سيئة من سيئات الجاهلية.

الصفحة 175