كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

وقال الله تعالى في سورة ص: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 41 - 44].
وهذه الآيات هي التي تصدَّى كاتب المقال لتأويلها.
* صفوة آراء العلماء في تفسيرها:
حمل المفسرون الضرَّ في آية الأنبياء على المرض، والضرُّ يستعمل في المرض على وجه الحقيقة، ولم يرد في وصف هذا الضر الذي مسَّ أيوب - عليه السلام - آية، أو حديث صحيح، فيحمل على مرض لا يكسب الجسمَ قبحاً، ولا يُحدث في نفس من يشاهده نفُوراً، كما أنه لم يرد في مقدار مدته آية، أو حديث صحيح، فتحتمل أن يكون أياماً، أو أشهراً، أو سنين، غير أن المرض الذي يمدح الله رسولاً من رسله على الصبر عليه شأنه أن يكون في ألمه شدة.
أما قوله تعالى في سورة ص: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]:
فقد حمل كثير من المفسرين النصب والعذاب على معنى الضر الوارد في آية الأنبياء، وسنشرح وجهة نظر هؤلاء فيما بعد، وحملها آخرون على تعب القلب وألمه مما يوسوس به الشيطان من تعظيم أمر المرض؛ ليوقعه في الجزع، أو يوسوس به إلى بعض قومه من أن الله لا يبتلي الأنبياء بمثل ما ابتلاه به من الضر، ثم سأل أيوبُ الله تعالى أن يكفيه شر هذه الوسوسة، كما سأله كشفَ الضر عنه من أصله.
وقد توسع بعض المفسرين في هذه القصة، فساق فيها روايات لا يوجد

الصفحة 182