كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

وما سبب الحلف؟ وما عدد الأسواط؟.
وموضع العبرة من هذه الآية: هو أن أيوب - عليه السلام - رأى بعض أهله قد فعل، أو قال ما يستحق عليه العقوبة، فحلف وهو غاضب لله على أن يعاقبه على ذلك بأسواط معدودة، فأراه الله وجهاً يجمع بين رعاية حرمة اليمين، ورفع جانب من شدة العقوبة، فذلك من أثر الغضب لله، وهذا التخفيف من أَثر رحمة الله بالمتقين من عباده.
هذا صفوة ما يقوله أهل العلم في تفسير قصة أيوب - عليه السلام -, وقد خالفهم في أصل تفسيرها كاتبُ ذلك المقال، وسنريك في آخر مقالنا هذا أن لرأيه صلة برأي محمد علي زعيم طائفة القاديانية الخارجة عن سبيل المؤمنين.
* المفسرون والإسرائيليات:
قال صاحب المقال: "إنهم - أي: المفسرين - كثيراً ما يكتفون بذكر إسرائيليات ليس لها سند أصلاً، فضلاً عن أن يطمع في تصحيح ذلك السند".
في المفسرين من ينقل الإسرائيليات من غير تمحيص، وفي محققيهم من يأبى الرجوع إلى الإسرائيليات، وينقدها على مقتضى قوانين الشرع والعقل، وكذلك فعل القاضي أبو بكر بن العربي في تفسيره "قانون التأويل"؛ فإنه قال عند تفسير هذه القصة: "وإذا لم يصح عنه - أي: أيوب - قرآنٌ ولا سنَّة إلا ما ذكرنا، فمن الذي يوصل للسامع خبره؟ وعلى أي لسان سمعه؟ والإسرائيليات موضوعة عند العقلاء لعدم الناقل، فأغمضْ عن مسطورها بصرَك، وضُمَّ عن كتبها يديك، واصمم عن سماعها أُذنيك؛ فإنها لا تزيد فكرك إلا خبالاً".

الصفحة 185