كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

أيوب لم يكن من قَبيل الأمراض المنفِّرة.
قال الألوسي في تفسير آية ص: "ولعلك تختار القول بحفظهم - أي: الأنبياء - مما تعافه النفوس، ويؤدي إلى الاستقذار والنفرة مطلقاً، وحينئذ فلا بد من القول بأن ما ابتلي به أيوب - عليه السلام - لم يصل إلى حد الاستقذار والنفرة؛ كما يشعر به ما روي عن قتادة، ونقله القصاص في كتبهم".
وكذلك يقول بعض علماء الكلام؛ كالباجوري في "حواشي الجوهرة": ما كان بأيوب من البلاء كان بين الجلد والعظم، فلم يكن منفراً، وما اشتهر في القصة من الحكايات المنفرة فهي باطلة.
قال صاحب المقال: "ويفسرون الركض بالرجل: بأن أيوب أُمر من ربه بوساطة جبريل أن يضرب برجله في الأرض، فضرب بها كما أمر، فنبعت عينان أُمر أن يشرب من إحداهما، وأن يغتسل من الأخرى".
هذا ما يقوله بعض المفسرين، ويقتصر طائفة من محققيهم على ما يفهم من ظاهر القرآن؛ من أن المشار إليه واحد، هو المغتسل، وهو الشراب.
قال القاضي البيضاوي: "فنبعت عين، فقيل: هذا مغتسل، وقيل: نبعت عينان".
وقال الألوسي: "ظاهر الآية اتحاد المخبَرِ عنه بمغتسل وشراب".
قال صاحب المقال: "ويفسرون قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [ص: 43]: بأن الله أحيا له أولاده الذين كان قد أماتهم، وولد له مثلهم".
لم يذهب إلى هذا الرأي جميع المفسرين، بل ذهب طائفة من محققيهم إلى أن هبة أهله: جمعُهم عليه بعد تفرق.
قال القاضي البيضاوي في تفسير الآية: "بأن جمعناهم عليه بعد تفرق".

الصفحة 188