كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

بالضغث خالياً مما يستتبعه من الآثار والنتائج.
قال صاحب المقال: "وفاتهم سابعاً: أن ذلك ينزل الآية عن مستوى البلاغة الذي هو في متناول البشر، فضلاً عن الإعجاز الذي يجب أن يكون للقرآن الكريم؛ فإنه ليس أضعف أسلوباً وأوهن تركيباً من كلام يتوقف معناه على ما لا يفيد سابقُه ولا لاحقُه، بل لا بد من معونة أخرى يحدثك بها غير صاحب هذا الكلام، وهم قد جعلوا معنى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44] متوقفاً على خبر أن أيوب كان قد حلف ليضربن امرأته مئة سوط".
قلنا: إن القرآن ليس بكتاب تاريخ، وإنما هو كتاب إرشاد، ومأخذ عبر، فقد يسوق من القصة أشياء هي موضع عبرة، ويسلك في سوقها ضرباً من الإيجاز يعد في أساليب بلاغته المتناهية، فلما جاء في قصة أيوب - عليه السلام -: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] تبادرَ إلى الأذهان أن أيوب - كان لسبب ما - حلف أن يضرب شخصاً - ممن يباح له ضربُه تأديباً - أسواطاً معدودة، فأوحى الله إليه أن يضربه بهذه الأسواط مجموعة؛ رحمة بالمحلوف على ضربه، ولا يتوقف هذا المعنى الذي هو موضع العبرة على معرفة سبب الحلف، أو الشخص المحلوف على ضربه، أو عدد الأسواط، وما يذكره بعض المفسرين في تفصيل ذلك إنما هو توسع منهم في التفسير؛ أخذاً من روايات وصلت إليهم، يفعلون ذلك مع اعتقاد أن أخذ العبرة من الآية لا يتوقف على شيء من ذلك.
* رأي كاتب المقال في تفسير الآية، ورد هذا الرأي:
تأوَّل كاتب المقال قوله تعالى: {مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41] بمعنى: إعراض الناس، واستهزائهم بالدعوة والداعين؛ فإن ذلك من عمل

الصفحة 195