كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

قوانين البلاغة العربية!.
قال صاحب المقال في رده: "فيجب أن تدعهم - أي: طلاب العلم - في هذا لتفكيرهم وتقديرهم، ولهم بعدُ ما تسيغه عقولهم في حدود ما جعله الإسلام للأنبياء من تعظيم وتكريم".
لا أدري من أوجب علىَّ أن أدع آراء يُفسر بها القرآن، وهي - فيما أرى - خارجةٌ عن قانون المنطق أو البلاغة، وأكتفي في ذلك بتفكير طلاب العلم وتقديرهم، وكلٌّ من الشرع والعقل لا يوجب شيئاً من ذلك، أما الشرع، فالآيات الواردة في الإرشاد إلى الحق كثيرة جلية. وأما العقل، فإن السكوت عما يخالف المنطق والبلاغة يفضي إلى اختلال نظم العلم، ولو قبل النّاس هذا الذي أشار به صاحب المقال عليَّ، واتخذوه قاعدة يسيرون عليها في حياتهم العلمية، لامتلأت الدنيا بصيحات الباطل، وشغلت هذه الصيحات من الآذان مواضع أكثر مما تشغله اليوم.
قال صاحب المقال في رده: "فما دعا الأستاذَ أن يكتب تلك العبارة، وهي لا تكتب إلا حين يكون في المقال خطر ديني شارفَ أن يلتهم الطلاب، وليس في المسلمين غيور سواه".
لم نصف آراء صاحب المقال إلا بأن فيها نشوزاً، ونشوزُها تجافيها عن قانون العلم، وإذا عنينا بجانب طلاب العلم، فلأن في الطلاب من يفتح أذنه لكل رأي يقال فيه: إنه جديد، ولا يزهد فيه إلا حين يرى أن غيره أثبتُ أصلاً، وأقوى بينةً، فتلك العبارة تقال والطلاب في حصن منيع من كل خطر ديني، ويكتبها الكاتب ولو كان في المسلمين آلاف من أهل الغيرة سواه.
ولا نكتم صاحب المقال أن نزعته في التفسير، والنماذج التي قدمها،

الصفحة 206