كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

أبا بكر بن العربي، أو أن أداة التعريف في قوله: "أن المفسرين كثيراً" للجنس، لا للاستغراق، وأما أنه قال: "كثيراً"، ولم يقل: "دائماً"، فذلك ما لا يفيده شيئاً؛ لأن الكثرة هنا أو الدوام مما يرجع إلى جهة القضية، والمعنى: أن المفسرين يكتفون في كثير من الأوقات بذكر الإسرائيليات، لا دائماً، وكثرة وقوع المحمول الذي هو الاكتفاء دون دوامه، لا أثر لها في نقص أفراد معنى الموضوع الذي هو كلمة "المفسرين"، فدوام النسبة لا يجعل القضية كلية، كما أن عدم دوامها لا يجعلها جزئية.
حكى صاحب المقال في رده ما نقلناه عن ابن العربي من إنكار الاستناد إلى الإسرائيليات، ثم قال: "ونقول للكاتب: إذا كان هذا ما قاله ابن العربي فيما قاله المفسرون في تفسير قصة أيوب، فما له لم يوجه الرد الذي كتبه إلى ابن العربي بدل أن يوجهه إليَّ، وأنا لم أقل أكثر من هذا؟ ".
لا أدري ماذا أرد على ابن العربي، وهو لم يزد على أن أنكر التعلق بالإسرائيليات، وهذا الإنكار حق، ولكن صاحب المقال يخيِّل إلى القراء: أني أخالف في إنكار التعلق بالإسرائيليات، وموضع الرد على صاحب المقال شيء آخر قاله هو، ولم يقله ابن العربي، وهو تلك الوجوه التي أثارها حول المعنى الذي اتفق عليه المفسرون، وتلك الآراء التي ساقها على أنها تفسير للقصة.
ثم قال صاحب المقال في رده: "اللهم إنك تعلم ما في نفسي، وتعلم ما في نفس هذا الكاتب، فإني أَكِلُ أَمْرَ جزائه إليك، فأنت العليم بذات الصدور".
دعوةٌ صالحة نرجو من الله قبولها، ونسأل الله تعالى أن يهدي صاحبَ

الصفحة 210