كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

حتى نفر الناس منه، وحتى عجز عن الحركة، فلا ينتقل من مكان إلى مكان إلا أن يحمله حامل".
فنبهنا إلى أن حق صاحب المقال أن ينقل ما قاله بعض المحققين من أن مرض أيوب - عليه السلام - لم يكن من الأمراض المنفرة المستقذرة، وما زاد صاحب المقال في دفاع هذا على أن قال: "إن البعض الذي اقتصر على كونه مرضاً فحسب، لا يمكنه أن ينكر أن أيوب قد شكا منه كما حدثنا القرآن، فلا بد أن يكون مرضاً غير عادي، حتى يضج منه نبي من الأنبياء".
هو مرض غير عادي، ولكنه غير منفر، وفَرقٌ بين أن يكون المرض شديداً في نفسه، وبين أن يكون منفراً، فالأول يصيب به الله تعالى الأنبياء - عليهم السلام - لمضاعفة أجرهم؛ كما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه؛ فإنه كان يوعَك وعكاً شديداً، حتى قالت عائشة - رضي الله عنها - ما رأيت أحداً أشدَّ عليه الوجعُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال - عليه الصلاة والسلام -: "إني أُوعَك كما يوعَك رجلانِ منكم"، وأما المرض المنفر، فذلك ما نعتقد أن الله تعالى لا يصيب به أنبياءه - عليهم السلام -.
وكان صاحب المقال قد حكى في مقاله عن المفسرين: أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]: الآية أن أيوب أُمر من ربه بوساطة جبريل أن يضرب برجله الأرض، فضرب بها كما أمر، فنبع عينان ... إلخ.
فنبهنا على أن صاحب المقال أهمل ذكر قول المحققين من المفسرين، وهو: أن الذي نبع عين واحدة، فقال صاحب المقال في رده: "وهل كون النابع عيناً أو عينين مما له أيُّ مدخل - عن قرب أو عن بعد - في أن يكون

الصفحة 212