كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

ولما كان صاحب المقال يحكي أقوال المفسرين حكايةَ مَن ينكرها، ويحاول تقويضها، وحكى عنهم بإطلاق: أن الرخصة باقية إلى اليوم، نبهنا أن هناك قولاً آخر، وهو أن الآية شَرْعٌ خاص بأيوب - عليه السلام -، وأشرنا إلى أن كلاً من القولين مبني على وجه من النظر؛ لنهيئ القارئ لرفض ما سيقوله صاحب المقال في رد المعنى الذي قاله المفسرون، ولكن صاحب المقال أبى إلا أن يكتب، فقال: "وأقول لهذا الكاتب: ما هذا العبث؟ (كذا)، وهل أنا حين كنت أكتب كنت بصدد تلك المذاهب، حتى إذا اقتصرت على نقاء مذهب من مذاهبهم، ترد عليَّ بأن هناك مذهباً آخر للفقهاء؟ ".
غفل صاحب المقال عن أنه نسب القول الذي ذكره للمفسرين، لا للفقهاء؛ فإنه قال: "ويزيدون"؛ يعني: المفسرين، ولينظر ما هو السبب في ذكر هذا القول، ونسبته إليهم دون غيره؛ فإنه لا يريد إفادة القراء بذكر ما ذكره قطعاً؛ لأنه قول مبني على تفسير باطل في نظره، والمبني على الباطل باطل، ولا نستطيع أن نقول: لم يكن يعلم حالَ الكتابة إلا القولَ الذي ذكره؛ فإن قوله: "حتى إذا اقتصرت على نقل مذهب من مذاهبهم" يشعر بأنه كان مطلعاً على هذه المذاهب.
ثم قال صاحب المقال: "اللهم فاشهد، اللهم فاشهد، لو أنه الإخلاص يدفع الكاتب، لما وجدت في كتابته ما هو أبعد شيء عن الموضوع، ولما حاد به الغرض عن الجادة".
نترك التعليق على هذا لتفكير القراء وتقديرهم.
وكان صاحب المقال قد أورد على المعنى الذي اتفق عليه المفسرون وجوهاً ظهر له أنها تبطل ذلك المعنى قطعاً، فنقدنا تلك الوجوه وجهاً فوجهاً،

الصفحة 214