كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

فذهبت من بين أيدينا هباء، فقام صاحب المقال يحاول في رده أن يعيد تلك الوجوه بعد ذهابها.
كان صاحب المقال قد قال: "ولم يدروا - أي: المفسرين -: أنه قد فاتهم أولاً: أن المقصود من أن يقص الله تعالى حال الرسل على خاتم أنبيائه - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الاعتبار بما أصابهم في سبيل الله، وما احتملوه من أذى وبلاء في طريق الدعوة إلى الله، {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود: 120].
ولا يخفى على من درس مبادئ اللغة العربية: أن عبارته تفيد حصر القصد من قصص الرسل - عليهم السلام - في الاعتبار بما أصابهم في سبيل الله، وما احتملوه من أذى وبلاء في طريق الدعوة، فقلنا له في ردنا: إن الله تعالى قد قص على خاتم أنبيائه - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الرسل - عليهم السلام - ما لا يرجع إلى ما أصابهم في سبيل الله من أذى، وقلنا: إن الله تعالى يذكِّر رسوله - صلوات الله عليه - بما كان للرسل - عليهم السلام - من خلق عظيم، أو عمل خطير، أو حكمة بالغة، أو منزلة سامية، أوآية بيّنة، أو حكم عملي، وقلنا: إن الآية التي سقتها لا تشهد بأن قصص الأنبياء لا يقصد منها إلا الاعتبار بما أصابهم في سبيل الله؛ فإن تثبيت الفؤاد زيادة يقينه، وهذا قد يأتي من ناحية غير ناحية أنباء ما أصابهم في سبيل الله من أذى.
كتب صاحب المقال يحاول رد هذا، فقال: "إن ذكر الرسول بخلق عظيم، أو عمل خطير، أو حكمة بالغة، أو منزلة سامية، هذا لا يحدث به القرآن عن نبي من الأنبياء إلا في طريق الحديث عن دعوتهم، وما كان منهم مع قومهم"، ثم تحدث بحديث في شكل قاعدة هو: أن القرآن إن حدَّث عن

الصفحة 215