كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 2/ 1)

* نتيجة البحث:
إذا كانت ترجمة القرآن إبدالَ اللفظ العربي بلفظ من لغة أجنبية يقوم مقامه في الدلالة على ما يفهم منه عربية، فإنا نرى كثيراً من الآيات لا يمكن ترجمتها على هذا الوجه ترجمةً صحيحةً، فترجمة القرآن من فاتحته إلى منتهاه غير متيسرة، ولو بالنظر إلى المعاني الأصلية؛ فإن الآيات المحتملة لوجوه متعددة لا يمكن نقلها إلى لغة أخرى إلا على وجه واحد، وهذا ليس بترجمة، وإنما يصح أن يسمى: تفسيراً، إذاً يجوز نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية على أنها تفسير، لا على أنها ترجمة مطابقة للأصل.
ولا بد في نقل معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية من إشعار القارئين بأن هذا النقل تفسير لا ترجمة، ومن طرق التنبيه: جمل تكتب في حواشي الصحائف يبين بها أنَّ هذا أحد وجوه، أو أرجح وجوه تحتملها الآية، ومما يُدفع بمثل هذا البيان: توهُّمُ من يقرأ تراجم الأوربيين أن في القرآن اختلافاً؛ فإن المترجم الألماني -مثلاً- قد ترجم {الْإِبِلِ} في قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] بالسحاب، والمترجم الإنكليزي ترجمها بمعنى الحيوان المعروف، فالأورويي الذي يقرأ الترجمتين يتوهم أن هذا الاختلاف في أصل نسُخ القرآن، ولا يخطر له أن هذا الاختلاف نشأ من جهة أن كلاً من المترجمين نقل معنىً من معنيين يحتملهما لفظ الآية.
وإذا كانت الترجمة بمعناها الحقيقي -ولو للمعاني الأصلية- لا تتيسر في جميع آيات القرآن، وإنما المتيسر الترجمة على معنى التفسير، كانت الترجمة المعنوية أقرب إلى الصحة من الترجمة الحرفية، متى أفاد بها المترجم

الصفحة 22